
مخاوف ليبية من توطين المهاجرين على خلفية تصريحات حكومية
تزايدت الدعوات في ليبيا مؤخرًا للمطالبة بطرد المهاجرين غير النظاميين من البلاد بسبب المخاوف المتزايدة من محاولات «توطينهم»، وذلك إثر تصريحات نُسبت إلى وزير في حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة. وتواجه ليبيا تحديات كبيرة نتيجة تدفق أعداد ضخمة من المهاجرين غير النظاميين عبر حدودها الممتدة، مما يثير قلقًا واسعًا بشأن تداعيات هذا الملف، الذي يتشابك مع اتفاقيات دولية ويستغله الأطراف السياسية المتنازعة لتعزيز مواقفهم في سياق المناكفات السياسية.
المخاوف من توطين المهاجرين لا تتوقف عند التصريحات الصحفية، بل تمتد إلى انخراط السلطات المحلية في غرب البلاد في محاولات غير معلنة للتوصل إلى اتفاقيات حول هذا الملف. لكن المخاوف زادت إثر تصريحات منسوبة إلى وزير الحكم المحلي في حكومة «الوحدة الوطنية»، بدر الدين التومي، والتي أكدت احتمالية تشجيع «توطين» المهاجرين في ليبيا. ورغم نفي التومي لهذه التصريحات، إلا أن القضية لا تزال تثير جدلاً واسعًا في الأوساط السياسية.
على إثر هذه التصريحات، أبدى العديد من السياسيين والنشطاء الحقوقيين في ليبيا قلقهم من تداعيات توطين المهاجرين. ومن أبرز هؤلاء، خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة المتنازع عليه، الذي اعتبر أن محاولات توطين المهاجرين تشكل «خطراً ديموغرافيًا يهدد الأمن القومي الليبي». وعبَّر المشري في بيان رسمي عن رفضه القاطع لمحاولات بعض المنظمات الدولية الدفع باتجاه توطين المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا، مشيرًا إلى أن الوضع الأمني الهش في البلاد دفع بعض المهاجرين إلى الانخراط في عصابات إجرامية أو تشكيلات مسلحة محلية، ما يشكل تهديدًا إضافيًا للأمن الليبي.
كما انتقد المشري غياب موقف واضح من المؤسسات الحكومية المعنية حيال هذه التحركات، مؤكدًا أن الوقت الراهن يتطلب وجود حكومة موحدة واستراتيجية وطنية متكاملة. وأكد المشري احترامه للاتفاق الذي وقع مع المنظمة الدولية للهجرة في عام 2005، لكنه شدد على ضرورة مراجعته في ظل الظروف الراهنة.
وفي الوقت الذي تتصاعد فيه المخاوف من «توطين» المهاجرين، تستمر المناقشات حول هذا الموضوع بين الأطراف السياسية الليبية، وسط محاولات لتحديد مواقف واضحة من جميع الأطراف المعنية.