
عقبات نتنياهو الأخيرة ومعركته الحاسمة للهيمنة على السلطة
تشهد الساحة السياسية الإسرائيلية حالة من التقلبات في ضوء التحقيقات والمطالبات التي تستهدف رئيس الوزراء بنيامين نتنيامو. فبعد الأحداث الأمنية التي وقعت في 7 أكتوبر، والتي كشفت عن فجوات أمنية كبيرة، تواجه حكومة نتنيامو ضغوطاً متزايدة من داخل المؤسسة السياسية وخارجها، ما يهدد بقاءه في منصبه ويضع مستقبله السياسي على المحك.
أصدرت السلطات المختصة “الضوء الأخضر” لفتح تحقيقاتٍ مع نتنيامو، وهو ما يُعتبر عقبةً قانونيةً رئيسيةً تعترض استمراره في الحياة السياسية. وقد رد نتنيامو على هذه الخطوات بإجراءاتٍ تهدف إلى تعزيز موقفه، إلا أن الحملات الداعية لإقصائه تكتسب زخماً، خاصةً مع اتهاماتٍ بمسؤولية حكومته عن الفشل الأمني الذي مهّد لأحداث 7 أكتوبر. وأدت هذه الضغوط إلى مطالبات علنية من بعض الأوساط بضرورة استقالته، وسط تحالفاتٍ سياسيةٍ متشابكة تحاول كبح أو دعم هذه المطالب.
شكّل الفشل الأمني في 7 أكتوبر نقطة تحولٍ حاسمة، حيث سلّط الضوء على إخفاقاتٍ هيكلية في أجهزة الأمن والاستخبارات. وقد دفعت هذه الأزمةُ جزءاً من النخبة السياسية إلى تحميل نتنيامو المسؤولية المباشرة، ما أدى إلى تصاعد الدعوات لمحاسبته. وعلى الرغم من ذلك، لا يزال نتنيامو يتمتع بدعمٍ جزئي داخل الائتلاف الحكومي، حيث تُحاول ثلاث شخصياتٍ سياسيةٍ بارزةٍ على الأقل عرقلة أي خطوات جذرية لإقالته، في مشهدٍ يعكس انقساماً عميقاً داخل أروقة السلطة.
يواجه نتنيامو أيضاً معارضةً شديدةً بسبب سعيه لتمرير تعديلاتٍ تشريعيةٍ مثيرة للجدل، يُنظر إليها على أنها محاولة لتغيير قواعد اللعبة السياسية لصالحه. وقد اتُهم بأن هذه التعديلات تهدف إلى تقليص صلاحيات الجهاز القضائي، ما أثار موجة تحريضٍ واسعة من قبل المعارضين الذين يرون فيها تهديداً للديمقراطية. هذه الخطوات زادت من حدة الاستقطاب، مما يعقّد إمكانية تحقيق الاستقرار الحكومي.
يبقى مستقبل نتنيامو السياسي معلقاً بين مطرقة التحقيقات وسندان الضغوط الداخلية. فمن جهة، تُظهر تحركاته الأخيرة محاولاتٍ حثيثةً لتعزيز نفوذه عبر تحالفاتٍ جديدةٍ وإجراءاتٍ استباقية. ومن جهة أخرى، تُشير التطورات إلى أن المعركة لم تُحسَم بعد، حيث تُواجه كل خطوةٍ يقوم بها بردود فعلٍ متباينة. في هذا السياق، تبقى الأسابيع المقبلة حاسمة في تحديد ما إذا كان نتنيامو سيتمكن من تجاوز هذه العاصفة، أم أن فصلاً جديداً من الصراع السياسي سيفتح الباب لمرحلةٍ ما بعد نتنيامو.