تحقيقات أوروبية ومخاوف أمنية: “ديب سيك” تحت المجهر بسبب ثغراته ومحتواه المثير للجدل
أحدثت شركة “ديب سيك” الصينية ضجة كبيرة في قطاع الذكاء الاصطناعي بعد إطلاقها نموذجًا جديدًا يُروج له كبديل اقتصادي لـ “تشات جي بي تي” مع استهلاك طاقة أقل. لكن دراسة حديثة كشفت عن ثغرات أمنية خطيرة ومحتوى تحريضي ومتحيز، مما أثار مخاوف دولية بشأن سلامة استخدامه.
بحسب دراسة أجرتها “إنكريبت إيه آي”، يولد “ديب سيك” محتوى ضارًّا بمعدل 11 ضعفًا مقارنة بـ”تشات جي بي تي”، كما أظهرت الاختبارات أن 83% من المخرجات تحتوي على تحيزات عرقية وجنسية ودينية وصحية. والأخطر أن 45% من المحتوى الضار نجح في تجاوز بروتوكولات السلامة، مما أدى إلى إنتاج أدلة على تخطيط إجرامي، ومعلومات حول أسلحة غير مشروعة، ودعاية متطرفة.
وفي حالة صادمة، تمكن النموذج من صياغة مدوّنة تجنيد لصالح منظمات إرهابية، مما يبرز خطورة توظيف الذكاء الاصطناعي في الترويج للأيديولوجيات المتطرفة إذا لم يتم فرض رقابة صارمة عليه.
لم تقتصر المخاطر على المحتوى غير الآمن، إذ كشفت الدراسة أن 78% من اختبارات الأمن السيبراني تمكنت من خداع النموذج وجعله يولد شيفرات برمجية غير آمنة، مما يزيد من احتمالية استغلاله في الهجمات الإلكترونية.
وفي تقرير منفصل، اكتشفت شركة Wiz للأمن السحابي أن قاعدة بيانات “ديب سيك” كانت مكشوفة على الإنترنت، مما أدى إلى تسريب سجلات المحادثات ومعلومات حساسة، ما يفاقم المخاوف حول خصوصية البيانات وأمن المستخدمين.
أثارت هذه المخاوف تحقيقات من سلطات حماية البيانات في بلجيكا وفرنسا وأيرلندا، التي طالبت بمعلومات حول كيفية تعامل “ديب سيك” مع بيانات المستخدمين. كما فتحت إيطاليا تحقيقًا منفصلًا بشأن امتثال الشركة لقوانين البيانات الأوروبية.
وفي تطور آخر، أعلنت وزارة الشؤون الرقمية في تايوان حظر استخدام “ديب سيك” داخل المؤسسات الحكومية، محذرة من أن التكنولوجيا الصينية قد تشكل تهديدًا أمنيًا، خاصة في ظل النزاع الجيوسياسي مع بكين.
كشفت الاختبارات أن “ديب سيك” يفرض رقابة صارمة على المواضيع الحساسة في الصين، إذ يروج لوجهة نظر الحكومة الصينية بأن تايوان جزء لا يتجزأ من الصين، ويرفض الاستجابة للأسئلة حول احتجاجات ميدان تيانانمن عام 1989.
وحذر روس بيرلي، المؤسس المشارك لمركز مرونة المعلومات في المملكة المتحدة، من أن “السماح بازدهار الذكاء الاصطناعي الصيني في الغرب قد لا يهدد فقط الأمن والخصوصية، بل قد يعيد تشكيل المجتمعات بطريقة غير متوقعة”. وأضاف:
“إذا لم يتم وضع ضوابط صارمة، فقد تصبح هذه التكنولوجيا أداة لنشر التضليل، وتقويض الثقة العامة، وتعزيز السردية الاستبدادية داخل الديمقراطيات.”