نزار قباني.. شاعر الحب والثورة الذي رسم بالكلمات
في 30 أبريل 1998، غاب نزار قباني عن الحياة الجسدية، لكنه ظل حاضرًا في قلوب محبي الشعر العربي وأرواح عشاق كلماته. تُوِّجت مسيرته الإبداعية بتأسيس مدرسة فريدة في الشعر العربي الحديث عُرفت بـ”الرسم بالكلمات”، حيث استطاع أن يعبر بأسلوب خاص عن هموم الإنسان العربي، ويمزج بين الحُب والنقد الاجتماعي والسياسي.
وُلد نزار قباني في 21 مارس 1923 بحي “مئذنة الشحم” في دمشق القديمة. نشأ في كنف عائلة ميسورة الحال ذات تاريخ أدبي ووطني بارز. منذ صغره، أظهر ميولًا فنية وأدبية، وشكل حادث انتحار شقيقته الكبرى بسبب رفض زواجها من حبيبها أحد العوامل التي ألهبت موهبته الشعرية وكرستها للحب والحرية.
أصدر نزار ديوانه الأول “قالت لي السمراء” عام 1944، الذي أثار جدلًا كبيرًا بسبب جرأته. منذ ذلك الحين، أصبح رمزًا للتجديد في الشعر العربي، مستخدمًا لغة بسيطة وشفافة كسرت الخطوط الحمراء ولامست قلوب الجماهير. تناولت قصائده المرأة باعتبارها بوابة للحضارة، ووصفها البعض بأنها إعادة تشكيل لتمثيل المرأة في المجتمعات العربية، بينما رأى آخرون أنها تجاوزت القيم التقليدية.
رغم شهرة نزار بشعر الحب، إلا أن قصائده السياسية مثل “هوامش على دفتر النكسة” و”متى يعلنون وفاة العرب؟” شكّلت صرخات احتجاج في وجه الظلم والخذلان العربي. أثارت قصائده السياسية جدلًا واسعًا وعُرض بعضها للمنع والمصادرة.
كانت وفاة زوجته بلقيس الراوي في حادث تفجير إرهابي عام 1981 نقطة تحول كبيرة في حياته. كتب عنها قصيدة من أروع قصائده “بلقيس”، عبّر فيها عن حزنه العميق وحبه الأبدي لها.
خلف نزار قباني 35 ديوانًا شعريًا تُرجمت إلى العديد من اللغات. كان أيضًا مصدر إلهام لعدد من كبار المطربين العرب الذين غنوا قصائده، مما ساهم في انتشار أشعاره على نطاق واسع.
استقر نزار في لندن بعد وفاة بلقيس، حيث قضى سنواته الأخيرة حتى وفاته بنوبة قلبية عام 1998. أوصى بدفنه في دمشق، حيث شارك الآلاف في جنازته، ليبقى حاضرًا في ذاكرة مدينته ووجدان محبيه.