تعثر مفاوضات تشكيل حكومة إقليم كردستان.. أبرز التحديات والمستقبل المجهول
أنهى الحزبان الكرديان الرئيسيان، «الديمقراطي» و«الاتحاد الوطني»، الثلاثاء، الجولة الثالثة من مفاوضات تشكيل حكومة إقليم كردستان دون أن تسفر عن اتفاق جدي ومعلن.
وتشير المصادر الصحافية الكردية إلى أنه تقرر عقد اجتماع آخر في وقت لاحق لمناقشة التقارير التي أعدتها كل من الجانبين حول رؤيتهما لتشكيل الحكومة الجديدة للإقليم. ورغم أن المفاوضات مستمرة، إلا أن العوامل المعقدة قد تؤخر التوصل إلى اتفاق نهائي.
أجواء مفاوضات حكومة الإقليم
عقد الحزبان في نهاية نونبر (تشرين الثاني) الماضي أول اجتماع رسمي بينهما للاتفاق على ترتيبات تشكيل حكومة الإقليم.
هذا الاجتماع كان أساسياً باعتبار أن الحزبان هما أكبر الفائزين في انتخابات برلمان الإقليم التي أُجريت في 20 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. حصل «الحزب الديمقراطي» على 39 مقعداً من أصل 100 مقعد في البرلمان، بينما حل «حزب الاتحاد الوطني» في المركز الثاني بـ23 مقعداً.
ورغم أن الأغلبية اللازمة لتمرير الحكومة، والتي تقدر بـ51 مقعداً، تبدو بسيطة ويمكن تحقيقها بسهولة بالنسبة لـ«الحزب الديمقراطي»، فإن معظم الأوساط الكردية ترى أن تشكيل حكومة دون توافق بين الحزبين يعد أمراً صعباً من الناحية العملية.
التحديات الرئيسة: تقاسم مناطق النفوذ
تكمن المشكلة الرئيسية في مفاوضات تشكيل الحكومة في قضية “تقاسم مناطق النفوذ بين الحزبين الرئيسيين”. على الرغم من أن «الحزب الديمقراطي» يمتلك الأغلبية في البرلمان، إلا أن تقسيم المناطق بين الحزبين يجعل من الصعب على أي طرف تشكيل حكومة بمفرده.
إذا تمكن «الحزب الديمقراطي»، أو حتى «الاتحاد الوطني»، من تشكيل حكومة عبر تحالف مع الأحزاب الأخرى، فإن رئيس الحكومة الجديد، سواء من الحزب الديمقراطي أو من الاتحاد الوطني، سيواجه صعوبة كبيرة في التحكم في مناطق نفوذ الطرف الآخر.
مناطق نفوذ «الحزب الديمقراطي» تشمل محافظتي أربيل ودهوك، الواقعتين في شمال وغرب الإقليم، بينما يسيطر «الاتحاد الوطني» على محافظة السليمانية والمناطق الشرقية، بما في ذلك حلبجة (التي هي محافظة في طور التشكل).
لذا، فإن أي حكومة لن تتمكن من السيطرة بشكل كامل على جميع أنحاء الإقليم، ما يجعل من الصعب الوصول إلى اتفاق بين الطرفين.
التوقعات المستقبلية لتشكيل الحكومة
بناءً على هذه المعطيات، يبدو أن المستقبل القريب لا يحمل مؤشرات تفاؤل كبيرة بشأن تشكيل حكومة جديدة في إقليم كردستان.
التنافس الحاد بين الحزبين، وضرورة قبول أحدهما للآخر، يجعل معظم المراقبين الكرد يشككون في إمكانية الوصول إلى اتفاق سريع. ولا يستبعد أحد المسؤولين الكرد البارزين أن يستمر “تعطيل” تشكيل الحكومة حتى نهاية العام الحالي.
ويضيف المسؤول، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن تأخر تشكيل الحكومة حتى نهاية العام يعد أمراً محتملاً. ويرجع ذلك إلى أن مفاوضات الحزبين، وتقاسم المناصب بينهما في الإقليم، مرتبطة بشكل وثيق بتقاسم المناصب في الحكومة الاتحادية ببغداد.
ومن المعروف أن منصب رئاسة الجمهورية العراقية غالباً ما يذهب إلى «حزب الاتحاد الوطني»، بينما يحصل «الحزب الديمقراطي» على منصب وزارة الخارجية، بالإضافة إلى بعض المناصب الوزارية غير السيادية.
التحديات السياسية والتوقعات المستقبلية
تستمر الأزمة السياسية في إقليم كردستان دون حلول واضحة في الأفق، مع تعثر المفاوضات بين الحزبين الرئيسيين.
وتقع المسؤولية على عاتق قادة هذين الحزبين للتوصل إلى اتفاق يحقق التوازن بين المصالح السياسية والاقتصادية في الإقليم.
ولكن في ظل الانقسامات المستمرة، يبدو أن تشكيل حكومة جديدة قد يتطلب وقتاً طويلاً، وربما تأخراً غير محدود.