
عالم فرنسي يفك رموزاً خفية على مسلة الأقصر تمجد رمسيس الثاني
كشف عالم المصريات الفرنسي جان غيوم أوليت-بيليتييه، المتخصص في علم التشفير الهيروغليفي بجامعة السوربون، عن سبع رسائل سرية مخفية داخل النقوش الهيروغليفية على مسلة الأقصر، النصب التذكاري المصري العتيق الذي يعود تاريخه إلى نحو 3 آلاف عام، والموجود حالياً في ساحة الكونكورد وسط العاصمة الفرنسية باريس.
وتمكّن الباحث، البالغ من العمر 37 عاماً، من فك شيفرة النقوش والصور المحفورة على صخرة الغرانيت الأحمر التي يبلغ ارتفاعها 22.5 متراً، حيث تبيّن له أنها تحمل رسائل مشفرة تُمجّد قوة الملك رمسيس الثاني، وتبرز مكانته كحاكم مُختار من الآلهة.
وقال أوليت-بيليتييه، في تصريحات لصحيفة “ذا تايمز” البريطانية، إن إحدى الرسائل، والموجودة على الواجهة الغربية للمسلة، كانت موجّهة خصيصاً للأرستقراطيين الذين اعتادوا الإبحار عبر نهر النيل، وتُمثل “رسالة دعائية حقيقية حول السيادة المطلقة لرمسيس الثاني”.
وقد بدأت رحلة الباحث في الكشف عن هذه الرسائل خلال جائحة كورونا، حين كان يزور المسلة بانتظام، ولاحظ نمطاً غير مألوف في ترتيب الرموز الهيروغليفية. واستفاد لاحقاً من وجود السقالات أثناء عمليات الترميم استعداداً لدورة الألعاب الأولمبية باريس 2024، مما أتاح له فحص النقوش عن قرب، لا سيما قرب قمة المسلة.
وأشار الباحث إلى أن فهم هذه الرسائل المشفرة تطلّب قراءة الرموز أفقياً بدلاً من الشكل الرأسي المعتاد، إلى جانب إدراك التلاعب الرمزي والكلمات المزدوجة المعاني، وهي مهارات لم يكن يتقنها سوى النبلاء المتعلمين في عصر رمسيس الثاني.
ووفقاً لأوليت-بيليتييه، فإن الرسائل المشفرة تهدف إلى التأكيد على أن رمسيس الثاني مختار من قبل الآلهة، وينحدر من سلالة إلهية، تحديداً الإلهين آمون رع وماعت، مما يعزز شرعيته السياسية والدينية.
وتجدر الإشارة إلى أن المسلة كانت واحدة من اثنتين أراد نابليون بونابرت اقتناءهما خلال حملته على مصر عام 1798، وقد تم إهداؤها لاحقاً إلى فرنسا من قبل محمد علي باشا عام 1830، ونُصبت في ساحة الكونكورد عام 1836، في موقعٍ كان يُستخدم سابقاً كمقرٍ للمقصلة خلال الثورة الفرنسية.
ويُذكر أن فك رموز الكتابة الهيروغليفية قد بدأ في أوائل القرن التاسع عشر، بفضل جهود عالم المصريات الفرنسي جان فرنسوا شامبليون، الذي استفاد من حجر رشيد — اللوحة التي كُتبت بثلاث لغات (الهيروغليفية، الديموطيقية، واليونانية)، وتم نقلها لاحقاً إلى المتحف البريطاني في لندن.