الوجود الإسرائيلي في سوريا.. تحول مؤقت إلى ديمومة يثير المخاوف
في الشهر الماضي، حين اجتاحت القوات الإسرائيلية عدة قرى سورية، أكد الجنود للسكان المحليين أن وجودهم سيكون مؤقتًا، بهدف الاستيلاء على الأسلحة وتأمين المنطقة عقب انهيار نظام الرئيس بشار الأسد.
لكن ما تكشفه الآليات والبناء المستمر يشير إلى نية إسرائيل في تعزيز وجودها العسكري بشكل دائم، وهو ما أكده العديد من المصادر.
بناء قواعد عسكرية: دلالة على الوجود الدائم
رئيس بلدية جباتا الخشب، محمد مريود، أشار إلى أن القوات الإسرائيلية قد بدأت ببناء قواعد عسكرية في منطقتهم، مما يطرح تساؤلات حول حقيقة الادعاء بأن وجودهم مؤقت.
وقال مريود: “كيف سيكون وجودهم مؤقتًا وهم يبنون قواعد عسكرية؟”. وتُظهر صور الأقمار الصناعية التي نشرتها صحيفة “واشنطن بوست” وجود أكثر من ست منشآت عسكرية في المنطقة، بالإضافة إلى بناء مشابه يقع على بعد خمسة أميال إلى الجنوب.
وقد تم ربط هذه القواعد بشبكة طرق ترابية جديدة، تؤدي إلى مرتفعات الجولان المحتلة منذ عام 1967.
المنطقة العازلة: خرق للاتفاقات السابقة
بعد انهيار نظام الأسد في ديسمبر (كانون الأول) 2024، اخترقت الدبابات الإسرائيلية “خط ألفا”، الذي كان يمثل حدود وقف إطلاق النار بين إسرائيل وسوريا منذ عقود.
تمثل هذه الخطوة خرقًا للاتفاق الذي نص على وجود منطقة عازلة تحرسها الأمم المتحدة، ولكن إسرائيل تعتبر أن الاتفاق لم يعد قائمًا بعد انهيار النظام السوري.
وقد بدأ الجيش الإسرائيلي بالتحرك داخل هذه المنطقة العازلة التي تبلغ مساحتها 90 ميلاً مربعًا، مما يثير القلق حول استدامة هذا الوضع.
تقييم الخبراء: التحركات العسكرية الإسرائيلية
ويؤكد ويليام غودهايند، المحلل في “مشروع كونتستيد غراوند”، أن المواقع الجديدة التي يتم إنشاؤها في المنطقة تعكس أسلوبًا بناءً مشابهًا للقواعد العسكرية في الجولان المحتل.
ويضيف أن القاعدة المقامة في جباتا الخشب أكثر تطورًا، في حين أن القاعدة التي تقع إلى الجنوب ما زالت في مرحلة الإنشاء. في المستقبل، من المحتمل أن توفر هذه المواقع العسكرية مواقع مراقبة استراتيجية، وتتيح للوحدات الإسرائيلية الوصول بسهولة إلى طرقات المنطقة.
ّالاحتلال والتهجير: تدمير الأراضي الزراعية
وفقًا لشهادات السكان المحليين، استخدمت القوات الإسرائيلية الجرافات لتدمير أشجار الفاكهة والأراضي الزراعية في جباتا الخشب، وهي خطوة قوبلت بالاستنكار من قبل السكان الذين وصفوا هذا الفعل بالاحتلال.
وقال مريود: “أخبرناهم أننا نعتبر هذا احتلالًا”، مشيرًا إلى تدمير البيئة الطبيعية في المنطقة لصالح بناء المستوطنات العسكرية.
الأسلحة والمخاوف المحلية
أوضح مريود أيضًا أن القوات الإسرائيلية قد طالبت السكان بتسليم الأسلحة التي خلفها النظام السوري الهارب. رغم أن الإسرائيليين قالوا إن هدفهم هو منع الهجمات على مجتمعاتهم، إلا أن مريود أكد أن الأسلحة لم تعد موجودة، مما يثير تساؤلات حول الدوافع الحقيقية وراء هذه العمليات العسكرية.
الخلاصة: تحول مؤقت إلى ديمومة؟
على الرغم من الادعاءات الإسرائيلية بأن وجودهم في سوريا مؤقت، تشير الأحداث والأنشطة العسكرية الأخيرة إلى أن هذا الوجود قد يكون أكثر ديمومة مما كان يُعتقد.
من خلال بناء القواعد العسكرية، اختراق الاتفاقات السابقة، وتدمير الأراضي الزراعية، يبدو أن إسرائيل بصدد توسيع سيطرتها على الأراضي السورية، وهو ما قد يفاقم الوضع الأمني والسياسي في المنطقة.