الجيش السوداني يستعيد السيطرة على مناطق استراتيجية وسط البلاد.. هل يشير ذلك إلى تراجع الدعم السريع؟

دخلت الحرب في السودان مرحلة جديدة، حيث حقق الجيش السوداني انتصارات ملحوظة وسريعة في وسط البلاد، بينما يتراجع “الدعم السريع” بشكل متسارع. بدأت هذه التطورات بانسحاب “الدعم السريع” من مدينة ود مدني، تلاها استعادة الجيش لمقر قيادته العامة ومناطق استراتيجية أخرى، خصوصاً في أم درمان والخرطوم بحري.

تثير هذه الانسحابات السريعة العديد من التساؤلات؛ هل تعكس هذه التحركات “انهيار” قوات الدعم السريع، أم أنها جزء من “اتفاق غير معلن” يهدف إلى تحسين موقف الجيش في المفاوضات؟ أم أن قيادة “الدعم السريع” اختارت التراجع تكتيكياً لتقليل خسائرها أمام الجيش، الذي عزز قواته وأعاد تسليحه؟

بدأ الجيش السوداني عملياته لاستعادة المناطق الاستراتيجية في أكتوبر الماضي، حيث استعاد منطقة جبل موية، التي تسيطر على ثلاث ولايات. وبعد ذلك، استعاد ود مدني في 11 يناير الحالي “دون قتال يُذكر”، حيث أفادت “قوات الدعم السريع” بأنها انسحبت، في حين ادعى الجيش أنه دخل المدينة “عنوة”.

ساهم استعادة ود مدني في تعزيز عمليات الجيش في الخرطوم، حيث تمكنت قواته من الوصول إلى قيادة قوات سلاح الإشارة والقيادة العامة، التي كانت تحت حصار “الدعم السريع” منذ بداية الصراع. وبدأت هذه العملية في 26 سبتمبر الماضي، مستمرة في تقدمها ببطء، لكنها تسارعت بعد استعادة ود مدني.

أعلن الجيش عن عبور جسر النيل الأزرق وصولاً إلى مقر القيادة العامة، حيث خاطب الفريق أول عبد الفتاح البرهان الجنود المحاصرين، مؤكدًا فك الحصار عنهم. ومع ذلك، نفت “قوات الدعم السريع” بشدة هذه الادعاءات، معتبرة أن الفيديوهات التي بثها الجيش هي دعاية حربية، وأكدت أنها لا تزال تسيطر على مواقعها.

فيما يتعلق بتحليل الأوضاع، نفى اللواء المتقاعد كمال إسماعيل فكرة “انهيار الدعم السريع”، مشيراً إلى أن السيطرة من قبل أي من الطرفين ستكون مؤقتة، وأن الحرب لن تنتهي إلا بالتفاوض. كما دعا الطرفين إلى العودة لمائدة الحوار والذهاب إلى جدة لمناقشة القضايا المرتبطة بالحرب.

من جانبه، أشار المحلل السياسي محمد لطيف إلى أن الحديث عن انهيار “الدعم السريع” غير دقيق، حيث لا يزال له وجود في مناطق واسعة من السودان. ولفت إلى أن الانسحابات قد تكون منظمة كجزء من اتفاق غير معلن بين الطرفين.

في الختام، تبقى الأوضاع في السودان متقلبة ومعقدة، حيث يظل النزاع مستمراً في ظل غياب التفاهم بين الأطراف المتنازعة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى